خبر مؤسف في صحف الأمس نزل كالصاعقة على الناس، وفتح الباب أمامهم إلى توقع حدوث ما هو أسوأ في ظل أحداث شبه يومية تفاجئهم في كل وقت وحين، حتى يقول الواحد منهم هل نحن في السودان بلد الخير والطيبة والشهامة والرجولة والنخوة وأخوان البنات، أم نحن في(واق الواق) حيث تنعدم المروءة ويسود النفاق، خبر لا يفقع المرارة فقط كما يقول الطيب مصطفى بل يصرّها ثم يجعل في كل جبل منها جزءاً.. الخبر الكارثة سادتي هو شروع(طبيب)أي والله طبيب في اغتصاب مريضة! وأين؟ وهنا مربط الفرس.. المكان ليس شقة مفروشة ولا وكراً مهجوراً أو صقيعة يلفها الظلام أو خور أو عيادة خاصة، بل داخل مستشفى حكومي، والأغرب من ذلك والأدعى الى الدهشة أن هذا الشروع تم من خلف الستارة وعلى بعد خطوات بعدد أصابع اليد الواحدة- على أقصي تقدير- من ذوي وأهل الفتاة الضحية الذين إئتمنوا هذا(الطبيب) على عرضهم، ولم يجل بخاطرهم أنه بصفته هذه سيهتك هذا العرض، فإذا هو ذئب لم ير في مريضته المسكينة إلا فريسة سهلة جاء بها أهلها اليه طائعين مختارين.. والأسئلة التي تتبادر الى الذهن تلقائياً هي كيف يجرؤ هذا(الطبيب الذئب) على الإقدام على فعلته النكراء هذه؟ وهل هذه هي المرة الأولى أم سبقتها مرات ومرات؟ وهل هو وحده الذي يفعل ذلك أم أنه تعلمها من غيره ممن سبقوه الى ذلك؟ وأسئلة كثيرة لا تنتهي أرجو أن تجيب عليها تحقيقات الجهات المختلفة ذات الصلة مع هذا الذئب الذي لطخ سمعة زملائه من الأطباء والعاملين في حقل الطب، هذه المهنة الإنسانية السامية، وجعلهم في موضع الشك والريبة في نظر الناس، فمن ذا الذي يطمئن قلبه الى واحد منهم بعد هذه الحادثة الشنيعة، ساوى هذا الطبيب الذئب بينه وبين آخرين نذروا أنفسهم لتطبيب المرضى، وتخفيف آلامهم، وإعادة البسمة اليهم والى ذويهم، ويؤدون عملهم بأمانة ويحفظون ما ائتمنهم الناس عليه مخافة الله وابتغاء رضوانه.. نتوقع ونرجو أن يستمع الناس الى قول وعمل نقابة الأطباء فيما حدث حتي يطمئن الناس، وكذلك إدارة المستشفى والمجلس الطبي، أما القضاء فهو كفيل بمواجهة الجريمة بما تستحق من العدالة.
ü رمى الرئيس البشير الكرة في ملعب (تحالف المعارضة) بدعوته إياها الى كلمة سواء، والى حكومة ذات قاعدة عريضة بعد الاستفتاء، وقول إن الوطن ملك للجميع، ولا يحق لأحد أن يمن به على أحد)، ولا أعتقد أن هذه الكلمات تحتمل معنى آخر غير معناها الواضح الذي لا لبس فيه، وهو فتح الباب على مصراعيه أمام كل القوى والأحزاب السياسية للمشاركة في حكم هذه البلاد، بعد انجلاء غبار الحدث الأهم على الإطلاق في سودان ما بعد الاستقلال، وهو استفتاء جنوب السودان، وعلى تحالف المعارضة بعد هذه الدعوة أن يعيد ترتيب شأنه وأجندته لتتوافق مع هذه الخطوة الإيجابية من الرئيس، أما إذا استمسك بموقفه الذي أعلنه مؤخراً وبمسمى(الحكومة القومية) وشعار سلّم تسلم وغيرها من الشعارات التي تهدف الى الإطاحة بالنظام وكنسه وما شابه ذلك، حينئذٍ يكون التحالف قد كشف بجلاء أنه مبرمج من جهات خارجية لتنفيذ سيناريو محدد، رسمته هذه الجهات لا يتحقق كما خطط له في ظل حكومة تضم وجوهاً من (الإنقاذ).
ü أضم صوتي بقوة الى صوت الزميل (يوسف عبد المنان)، الذي دعا الى تشكيل حكومة صغيرة فاعلة بدلاً من الجيش الجرار الحالي من الوزراء ووزراء الدولة والمستشارين، الذين لا يمثلون عبئاً ثقيلاً على ميزانية الدولة فحسب، ولكن كثرة عدد هؤلاء يؤدي الى تداخل الاختصاصات وبالتالي الى تشتيت المسؤولية وتفرق دمها فيما بينهم ونشوء صراعات مكتومة غير حميدة بسبب هذه التداخلات، بما تكون نتيجته سوءاً في الاداء وتعطيلاً لدولاب العمل وتعويقاً لبرامج التنمية، فتكون الحكومة قد نقضت غزلها بيديها لا بيد غيرها.. لذلك أرجو أن تكون أول خطوة للحكومة بعد الاستفتاء هي تشكيل حكومةCabinet) من التكنوقراط الوطنيين للقيام بمهمة معالجة الحالة الاقتصادية الآخذة في التدهور، ومن ثم قيادة مسيرة التنمية والنهضة الاقتصادية التي ستكون من أكبر تحديات سودان ما بعد الاستفتاء، أما إذا استمر النهج الحالي في التوزير وتوزيع الحقائب الوزارية كمعالجات وموازنات وترضيات سياسية، فالنتيجة ستكون مزيداً من التدهور والتردي في الحالة الاقتصادية، يتولد منه تدهور اجتماعي ويصحبه تدهور سياسي يفضي الى انهيار تام.
ü أما آن لأبناء جبال النوبة بالحركة الشعبية أن يأخذوا خطوة حاسمة وواضحة إزاء علاقتهم بهذا الكيان الذي أعطوه وما استبقوا شيئاً وأسالوا دماءهم رخيصة من أجله وأوفوا له كل الوفاء، فما كان جوابه إلا الإساءة ونكران الجميل والتنكيل بقياداتهم واعتقالهم وتعذيبهم في سجون ومعتقلات الجيش الشعبي، لأسباب كشفت مدى تورط الحركة الشعبية في تأجيج الأوضاع في دارفور، ووفقاً لما تكشّف من معلومات فإن هناك أربعة من كبار ضباط النوبة بالجيش الشعبي تم اعتقالهم منذ 2008م بسبب امتناعهم عن تنفيذ تعليمات قيادة الجيش الشعبي بالمشاركة في الهجوم علي منطقة حسكنيتة في دارفور، لحساب احدى حركات التمرد هناك.. أليس اعتقال القائد تلفون كوكو كل هذا الوقت كافياً وحده لأخذ موقف قوي من الحركة الشعبية وذراعها العسكري الجيش الشعبي يعيد الى أبناء جبال النوبة كرامتهم، هل بعد هذا تنتظرون خيراً من الحركة، أليس ما فعلته بأبنائكم يوضح لكم أنها حركة عنصرية، لا ترى فيكم إلا جزءاً لا يتجزأ من الشمال الذي يبغضونه؟
[28]