أهميـه آلتعآآون
1- أهمية التعاون في واقعنا المعاصر ( أسباب عرض الموضوع ) .
- إن العون مبدأ من مبادئ الإسلام ، وفضيلة من فضائله التي حثّ عليها ودعا إليها ، وأمر بها { وتعاونوا على البر والتقوى } .
2- إن التعاون يشيع روح الألفة والمحبة بين المؤمنين ، ويجعلهم كالجسدالواحد ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد ،إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى ) .
3- إن التعاون علاج لمشكلة الملكات المهدرة ، والطاقات المعطلة التي حالحب الذات والانعزالية دون استثمارها في مصلحة الفرد والمجتمع .
4- من طبيعة الفرد النقص ومحدودية الإنتاج والطاقة ، ولذلك فهو بحاجة إلىمعونة إخوانه لكي يكمل نقصه ويسد خلله ، والمرء ضعيف بنفسه قوي بإخوانه .
5- حاجة الدعوة اليوم إلى تعان أبنائها لمواجهة تيارات الكفر التي تحاول جاهدة ضرب الإسلام عن قوس واحدة .
6- إن في التعاون بعداً عن الخطأ ، وسلامة – بإذن الله – من الانحراف والشطط ، وثباتاً على الحق . { وتواصوا بالحق وتواصا بالصبر } .
7- إن التعاون يكسب المرء قوة في مواجهة عقبات الطريق ، ومثبطات النفسالأمّارة بالسوء . فموسى - عليه السلام – عندما خشي من عقبة القتل ، وعائقاللسان سأل الحق - عز وجل – أن يعينه بأخيه هارون – عليه السلام – ليشدّمن أزره في مواجهة تلك العقبات ، وليقوّي عضده في سائر تكاليف الدعوة إلىالله .
2- مشروعية التعاون
- يقول ابن كثير رحمه الله مبيناً مشروعية التعاون على الخير :
وقوله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثموالعدوان } ، يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات وهوالبر ، وترك المنكرات وهو التقوى ، وينهاهم عن التناصر على الباطلوالتعاون على المآثم والمحارم ، قال ابن جرير : " الإثم ترك ما أمر اللهبفعله ، والعدوان مجاوزة ما حد الله في دينكم ومجاوزة ما فرض الله عليكمفي أنفسكم في غيركم " .
- ويقول القرطبي رحمه الله في تفسير : { وتعاونوا على البر والتقوى } .. الآية .
" وهو أمر لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى ، أي ليُعِنْ بعضكمبعضاً ، وتحاثوا على ما أمر الله تعالى واعملوا به ، وانتهوا عما نهى اللهعنه وامتنعوا منه ، وهذا موافق لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهقال : ( من دلّ على فعل خير فله مثل أجر فاعله ) ، وقد قيل : الدال علىالشر كصانعه .
وقال الماوردي : " ندب اله – سبحانه – إلى التعاون بالبر وقرنه بالتقوى له؛ في التقوى رضا الله تعالى ، وفي البر رضا الناس ، ومن جمع بين رضا الله– تعالى – رضا الناس فقد تمّت سعادته وعمّت نعمته " .
- في صحيح الإمام البخاري ، كتاب المظالم [ باب نصرة المظلوم ] ؛ حيث أوردالإمام البخاري حديث البراء بن عازب – رضي الله عنهما – قال : ( أمرناالنبي صلى الله عليه وسلم بسبع .. وذكر منها : نصرة المظلوم ) . قال ابنحجر رحمه الله تعالى : " قوله : [ باب نصرة المظلوم ] هو فرض كفاية ،وهوعام في المظلومين ، وكذلك في الناصرين بناءٌ على أن فرض الكفاية مخاطب بهالجميع وهو الراجح ، ويتعين أحياناً على من له القدرة عليه وحده إذا لميترتب على إنكاره مفسدة المنكر ، فلو علم أو غلب على ظنه أنه لا يغير سقطالوجوب ، وبقي أصل الاستحباب بالشرط المذكور ، فلو تساوت المفسدتان تخير ،شرط الناصر أن يكون عالماً بكو الفعل ظلماً " .
تنبيه : النُصرة صورة من صور التعاون ؛ لذلك قال الإمام البخاري : [ بابأعن أخاك ظالماً أو مظلوماً ] . أورد حديث : انصر أخاك ظالماً أو مظلوماًفترجم بلفظ الإعانة ، وأورد الحديث بلفظ النصر إشارة إلى ما ورد في بعضطرق الحديث حيث روى : ( أعن أخاك ظالماً أو مظلوماً ) ذكر ذلك ابن حجر ثمقال : قال ابن بطّال : النصر عند العرب الإعانة .
3- فضل التعاون على الخير
حرص الإسلام على تمجيد التعاون والحث عليه ، والترغيب فيه ، وبيان فضلهومنزلته ، وانبرى أهل العلم يرغبون فيه ، ويدعون إليه ، وإليك طرفاً مماجاء في فضله :
- المستعان :
صفة من صفات الحق عز وجل وهو الذي يستعين به عباده ، ويطلبون منه المعونة- ولا يطلبها سبحانه من أحد – وقد تضمنت فاتحة الكتاب مناه فقال عز وجل :{ إياك نعبد وإياك نستعين } .
وقد ورد ذكر هذه الصفة ذاتها مرتين في كتاب الله ، قال الله تعالى : {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } ، وقال : { قال رب احكم بالحقوربنا الرحمن المستعان على ما تصفون } .
وكيف ينال العبد الإعانة من خالق الأرض والسموات ومدبر البريات ؟
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : " أن يعين العب إخوانه المسلمين ،ويسعى في حاجاتهم ، وتنفيس كربهم ؛ لينال الإعانة من الله – عز وجل – التيوعدها إياه حين قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه ) .
- محبة الله عز وجل للمتعاونين فيه
مما تمليه الأخوة في الله على المتآخين التواصل فيما بينهم ، والتباذلوالتكاتف ، وكل هذه صور من صور التعاون التي أخبر الحق – عز وجل – عنمحبته لأصحابها متى أخلصوا الية فيها ، وقد روى معاذ بن جبل عن النبي صلىالله عليه وسلم يرفعه إلى ربه عز وجل : ( حقّت محبتي للمتحابين فيّ ،وحقّت محبتي لمتواصلين فيّ ، وحقّت محبتي للمتباذلين فيّ ، وحقّت محبتيللمتزاورين فيّ ) .
- التعاون صفة من صفاته صلى الله عليه وسلم
كان صلى الله عليه وسلم يحب إعانة المسلمين ، ويسعى في قضاء حاجاتهم ؛ولهذا وصفته خديجة رضي الله عنها بعد نزول الوحي بانه يعين على نوائب الحق، وهي من أشرف الخصال وأجلّ الخلال .
- مغفرة الذنوب
إن من التعاون أن يسعى المؤمن في خدمة إخوانه ؛ سواء يفعل ما فيه نفعهموسعادتهم ، او بإزالة ما يؤذيهم ويضيّق عليهم ؛ ولذا فإن إماطة الأذى عنطريق إخوانه تعاون يحبه الله ويشكر لصاحبه صنيعه .
ولما كان أصل التعاون هو إحساس المرء بالآخرين ، وشعوره بآلامهم وأفراحهمومشاركته لهم فيها ؛ فإن هذا الإحساس مثاب عليه ولو كان بالبهائم ،فإعانته لها في مأكلها ومشربها له فيه أجر .
- النجاة من كرب يوم القيامة
مهما تعاظمت كروب الدنيا على الإنسان ؛ فإنها لن تبلغ معشار كربة من كربيوم القيامة الذي يُحشر فيه الناس حفاة عراة غُرلاً .. وقد جعل الله جزاءمن أعان أخاه على كربة من كرب الدنيا فنفّسها أو فرجها عنه أن ينفّس عنهكربة من كرب يوم القيامة .
- الإعانة للمسلمين من أفضل الأعمال
قال صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الأعمال أن تُدخل على أخيك المؤمن سروراً ، أو تقضي له ديناً ، أو تطعمه خبزاً ) .
- معونة الله للمتعاونين
قال صلى الله عليه وسلم : ( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) .
- دخول الجنة
قال صلى الله عليه وسلم : ( لقد رأيت رجلاً في الجنة في شجرة قطعها من ظهرالطريق كانت تؤذي المسلمين ) . وفي رواية : ( مرّ رجل بغصن شجرة على ظهرطريق فقال : والله لأنحيّن هذا عن المسلمين لا يؤذيهم .. فأُدخل الجنة ) .
هذا أُدخل الجنة بغصن كان يمكن أن يؤذي المسلمين ، فماذا لو تعاون معإخوانه على إزالة تيارات الفساد والإفساد التي تؤذي المسلمين في الليلوالنهار ، والتي أردت الكثير من أبناء المسلمين صرعى الشهوات والشبهات .
- دوام نعمة الله على عبده
إن الملكات والطاقات المادية والمعنوية نِعم يهبها اللهُ من يشاء من عباده، وهذه النعم ما لم يبذلها المرء في عون إخوانه المسلمين ؛ فإن الله عزوجل ينزعها منه . قال صلى الله عليه وسلم : ( إن لله أقواماً يختصّهمبالنعم لمنافع العباد ، ويُقرّهم فيها ما بذلوها ، فإذا منعوها نزعها اللهمنهم فحوّلها إلى غيرهم ) .
- التعاون أفضل من نافلة الاعتكاف ، كما أن الله يثبت قدم الباذل للمعونة يوم تزول الأقدام
قال صلى الله عليه وسلم : ( أحب الناس إلى الله تعالى انفعهم للناس ، وأحبالأعمال إلى الله – عز وجل – سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أوتقضي عنه ديناً ، أو تطرد عنه جوعاً ، ولأن أمشي مع أخي في حاجة أحب إليَّمن أعتكف في هذا المسجد ( يعني مسجد المدينة ) شهراً ، ومن كفَّ غضبه سترالله عورته ، ومن كظم غيظه ، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاءيوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يومتزول الأقدام ) .
4- من صور التعاون على البر والتقوى
- التناصح
التعاون لا يقتصر على الحدود المادية بل يتجاوزها إلى التعاون في مجالالقيم والخُلق ، وذلك عن طريق التناصح الذي يكون بين المؤمن وأخيه ، وقدقال سيد البشر صلى الله عليه وسلم مجلياً لهذه الصورة من التعاون : (المؤمن مرآة المؤمن ) ، فما أعظمه من تعاون يوم يأخذ الأخ بيد أخيه ليرتقيبه في مدارج الكمال مبنياً له برفق وحكمة ما يراه فيه من نواقص ، ومايعتريه من معايب ، وقد أحاط نصحه يستر لا ينكشف . « انظر التناصح بينسلمان الفارسي وأبي الدرداء في صحيح الإمام البخاري » .
- طلب العلم والتفقه في الدين
لقد أورد الإمام البخاري في صحيحه في باب التناوب في العلم حديث عمر ،وكيف كان يتعاون مع أخٍ له في الله على التناوب على مجالس رسول الله صلىالله عليه وسلم كل يوم حتى لا يفوتهم شيء من الوحي .
- التعاون في الدعوة إلى الله
من السذاجة أن يعتقد المرء أنه يستطيع أن يقوم بجميع تكاليف الدعوةومستلزماتها ، ويؤدي جميع واجباتها ومسؤولياتها بمعزل عن إخوانه مستقلاًعنهم ومستغنياً عن معونتهم ، وهو بهذا الاعتقاد إما مغرور أو جاهل ..مغرور لأنه يعتقد أنه أقوى من الرسل شكيمة وأكبر منهم عزيمة ؛ ولهذا فهولا يحتاج لإخوانه كما احتاجوا لإخوانهم ، فقال قائلهم عليه صلاة اللهوسلامه : { وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي *اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي } فإن لم يكن ثمة غرورفهو جهل بسير الأنبياء التي طفحت بتعاونهم مع أتباعهم في حمل لواء الدعوةونشر بساطها { وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَكَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَاضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ } .
- التعاون في الثبات على الحق والتواصي به
يتعاون المؤمنون في تثبيت بعضهم بعضاً بمواقفهم الإيمانية وبكلماتهمالنورانية ، ومحاضنهم التربوية . فيعيش في تعاونه وارتباطه بإخوانهالصالحين في حصانة وحفظ ، حتى إذا ما تلوث بشيء من الأدران نتيجة بُعدهعنهم لعارض من العوارض أو لشهوة جامحة ، أو لشبهة خاطرة ؛ فإنه فور مايعود إليهم يعالجون هذا الحدث بما يستحقه ، ويغسلون الدرن عن صاحبهم ،ويقاومون أسبابه ؛ لأن مقتضى الصداقة والخلة أن يبادروا إلى ذلك وفاءًلصديفهم ورعاية لصداقته .
- التعاون في الدلالة على الحق
الوصول إلى الحق مطلب كل مؤمن والحكمة ضالته التي يجتهد في البحث عنها ،وفي كثير من الأحيان تختلط الأمور وتتشابك فيحتاج المرء لمعرفة الحق فيهاإلى إخوانه المؤمنين وأصفيائه الناصحين يبينون له الحق ويعينوه عليه ،ويكشفون له زيف الباطل ويحذرونه منه ؛ ولهذا وصف الرسول صلى الله عليهوسلم هذا التعاون فقال : ( المؤمن مرآة أخيه ، والمؤمن أخو المؤمن ، يكفعليه ضيعته ويحوطه من ورائه ) .
والتعاون في الدلالة على الحق يمكن أن يكون :
أ- بالنصيحة لأخٍ لك على أمر غفل عنه .
ب- الاستشارة : وفيها يعين الأخ أخاه على الاجتهاد في الوصول إلى أصوبالآراء في قضية ما ، فيشير عليه بما يغلب على ظنه أنه الحق فهو تعاون فيمجال الخبرة العملية والفكرية ، وتمحيص الأمور لمعرفة أقربها إلى الحق .
ج- الدلالة على أمر اطلع عليه طرف وجهله الآخر .
- التعاون في النصرة على الحق
والأصل في هذا التعاون ما أمر به صلى الله عليه وسلم قال : ( انصر أخاكظالماً أو مظلوماً ) ، فقال رجل : يارسول الله أنصره إذا كان مظلوماً ،أفرأيت إن كان ظالماً كيف أنصره ؟ قال : ( تحجزه – أو تمنعه – من الظلمفإن ذلك نصره ) .
- التعاون في تفريج الكربات وسد الحاجات
تلمس حاجات الضعيف وإعانته على قضائها ، والإحساس بمصائب المسلمين والسعيإلى تخفيفها من أعظم صور التعاون على البر والتقوى . وقد قال صلى اللهعليه وسلم : ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفّس الله عنه كربة منكرب يوم القيامة ، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ،ومن ستر مسلماً ، ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه ) .
سبل تقوية التعاون بين المؤمنين
- التعارف
لما كان أصل التعاون الحب في الله والإحساس بالجسد الواحد ؛ فإن تعارفالقلوب مما يزيد في ترابطها وتوادها وألفتها ، ولهذا قال صلى الله عليهوسلم : ( الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منهااختلف )
واطلع المرء على أحوال إخوانه المسلمين من خلال وسائل الإعلام الموثوقة ،وعلمه بمصابهم مما يزيد من حماسه في معونتهم ؛ ولهذا قيل : ( من لم يهتمبأمر المسلمين فليس منهم ) .
- معرفة المسلم لحقوق المسلم عليه
ما أكثر النصوص التي أثبتت حق المسلم على إخوانه في معونتهم ومساعدتهواحترامه ورعاة ذمته ، حتى أصبحت من المعلومات من الدين بالضرورة ، إنالتذكير بها والتحذير من التقصير فيها ، مما يقوّي عزيمة المسلم علىالتعاون مع إخوانه والتعاضد معهم على البر والتقوى .
- احتساب الأجر
الكثير من الناس يزهد عن معونة إخوانه المسلمين ، ويتثاقل عنها لجهلهبالأجور التي جعلها الله جزاء المعاونين لإخوانهم والمتسابقين في قضاءحاجتهم وتنفيس كرباتهم .
- تنمية الروح الجماعية
وذلك بتذكير المرء بحاجته لإخوانه ومعونتهم له وأنه ضعيف بنفسه قوي بإخوانه كما قيل : ( إنما يأكل الذئب القاصية ) .
- فقه الواقع
لابد أن يدرك المسلم مخططات أعدائه للكيد له والسيطرة عليه والمكر به ،وأن هذه المخططات تحتاج تكاتف المسلمين وتعاونهم وتآزرهم وترابطهم ليدحضواتيارات الكفر والفساد ويخضدوا شوكتها .
- تطهير القلب من الأمراض
التعاون من صفات القلب السليم ؛ لأن القلب السليم بالحسد والحقد والأنانيةلا يمكن أن يتعاون مع الآخرين إلا إذا كان هذا التعاون يحقق له بعض شهواته.
6- ضوابط المعونة والمناصرة
- أن يكون التعاون على الحق
وذلك لأن الله – عز وجل – أمرنا بالتعاون على حق ونهانا عن التعاونبالباطل فقال : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَتَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } .
- العلم
يشترط في الناصر أو المعين العلم ، قال ابن حجر رحمه الله : " وشرط الناصرأن يكون عالماً بكون الفعل ظلماً " ، وكذلك مَنْ أراد أن يعين أحداً علىحاجة يشترط أن يعلم مشروعية هذه الحاجة .
- ألا يترتب على النصرة أو المعونة مفسدة أكبر من مفسدة ترك النصرة أو المعونة نفسها
إذا علم الناصر أو غلب على ظنه أن نصرته للمظلوم لا تفيد في تغيير الظلم سقط الوجوب وبقي أصل الاستحباب بالشرط المذكور .
- ألا يترتب على التعاون محذور شرعي
فالشفاعة صورة من صور التعاون التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلمفقال : ( اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء ) ، ولكن إذاكانت في حد قد بلغ الإمام فإن الشفاعة عندئذ تحرم .
7- مواقف من تعاون السلف
- تعاون آل أبي بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته .
- تعاون الصحابة في بناء مسجده صلى الله عليه وسلم .
- تعاون الأنصار مع المهاجرين في إيوائهم ومقاسمتهم أموالهم وبيوتهم .
- تعاونه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في حفر الخندق .
- تعاون ذي القرنين مع أصحاب السد { فأعينوني بقوة } .
- موسى عليه السلام يسأل الله أن يجعل أخاه معيناً له على دعوته .
- معاذ بن جبل يتعاون مع شباب بني سلمة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير ( إهانتهم لصنم عمرو بن الجموح ) .
- تعاون النساء في الدعوة وخدمة المسلمين في الجهاد
8- أحاديث ومسائل في التعاون
- قال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة حق على الله عونهم : المجاهد في سبيلالله ، والمكاتب يريد الأداء ، والناكح الذي يريد العفاف ) .
- قال صلى الله عليه وسلم : ( على كل مسلم صدقة ) فقالوا : يا نبي اللهفَمَنء لم يجد ؟ قال : ( يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق ) قالوا : فإن لميجد ؟ قال : ( يُعينُ ذا الحاجة الملهوف ) ، قالوا : فإن لم يجد ؟ قال : (فليعمل بالمعروف ، وليُمسك عن الشر ؛ فإنها له صدقة ) .
- جزاء التعاون على الباطل
قال صلى الله عليه وسلم : ( من أعان على خصومة بظلم ، أو يعين على ظلم ، لم يزل في سخط الله حتى ينزع ) .
- تعاون الزوجين على أمور الآخرة
في حيث ثوبان قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يارسول الله أيّ المالنتخذ ؟ فقال : ( ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ، ولساناً ذاكراً ، وزوجة مؤمنةتعين أحدكم على أمر الآخرة ) .
- سؤال إبراهيم عليه السلام إسماعيل معاونته على بناء البيت
قال صلى الله عليه وسلم : ( قال أبي إبراهيم : يا إسماعيل إن الله أمرنيبأمر ، قال : فاصنع ما أمرك ربك . قال : وتعينني ؟ قال: وأعينك ، قال :فإن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتاً - وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها- قال : فعند ذلك رفعا القواعد من البيت ، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة ،وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء ، جاء بهذا الحجر ، فوضعه له ، فقامعليه ، وهو يبني ، وإسماعيل يناوله الحجارة ، وهما يقولان : { رَبَّنَاتَقَبَّلْ مِنّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } قال : فجعلايبنيان ، حتى يدروا حول البيت ، وهما يقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنتالسميع العليم } ) .
- ولا تعينوا الشيطان
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أُتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قدشَرِبَ قال : ( اضربوه ) . قال أبو هريرة رضي الله عنه : فمن الضارب بنعلهوالضارب بثوبه .. فلما انصرف قال بعض القوم : أخزاك الله ، قال صلى اللهعليه وسلم : ( لا تقولوا هكذا ، لا تعينوا عليه الشيطان )
- سؤال الله المعونة على الأعداء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه على كفار قريش : ( اللهم أعنيعليهم بسبع كسبع يوسف ، فأخذتهم سَنة حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتةوالعظام ) .
المراجع :
1- مسند الإمام أحمد ، مؤسسة قرطبة .
2- صحيح سنن الترمذي ، الألباني ، مكتبة التربية .
3- صحيح ابن ماجة ، الألباني ، مكتبة التربية .
4- مشكاة المصابيح ، التبريزي ، تحقيق الألباني ، المكتب الإسلامي .
5- صحيح الإمام مسلم .
6- فتح الباري ، ابن حجر ، دار المعرفة .
7- صحيح الجامع الصغير وزيادته ، الألباني ، المكتب الإسلامي .
8- جامع العلوم والحكم ، ابن رجب ، مؤسسة الرسالة ، تحقيق الأرناؤوط .
9- الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، دار التراث العربي .
10- مختصر تفسير ابن كثير ، الصابوني ، دار القرآن الكريم .
11- شرح رياض الصالحين ، ابن عثيمين ،دار الوطن .
12- الآداب الشرعية ، لابن مفلح ، مؤسسة قرطبة .
13- الأخلاق الإسلامية ، عبدالرحمن الميداني ، دار القلم ، ط3 .
14- هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقاً ، الخازندار ، دار طيبة ط1 .
15- موسوعة أخلاق القرآن ، الشرباصي ، دار الرائد العربي .
16- السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية ، مهدي رزق الله ، ط1 .
17- صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة ، علوي السقاف ، دار الهجرة ، ط1 .
18- النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى ، محمد الحمود النجدي ، مكتبة الإمام الذهبي ، ط2.
19- الصداقة في الإطار الشرعي ، د. عبدالرحمن الزنيدي ، مكتبة الوراق ، ط1 .
20- التعاون على البر والتقوى ، أسعد محمد الصاغرجي ، دار القبلة للثقافة الإسلامية ، ط1 .
21- مع قصص السابقين في القرآن (2) ، د. صلاح الخالدي ، دار القلم ، ط1 .
22- لسان العرب ، لابن منظور .
23- المعجم الوجيز ، مجمع اللغة العربية .
24- السلسلة الصحيحة ، الألباني ، المكتب الإسلامي .
25- غذاء الألباب شرح منظومة الآداب ، السفاريني ، دار الكتب العلمية .
26- المعجم المفهرس لألفاظ الحديث ، ونسنك .
27- موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف ، محمد السعيد زغلول ، دار الفكر ، ط1 .
28- تيسير الوصول إلى مواضع الحديث في الكتب الأصول ، عبدالحميد محمد حسين ، دار الدعوة .
29- معاذ بن جبل إمام العلماء ومعلم الناس الخير ، عبد الحميد طهماز ، دار القلم ، ط1 .
30- تهذيب مدارج السالكين ، ابن قيم الجوزية ، دار السوادي .
31- فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد ، فضل الله الجيلاني ، المكتبة السلفية ، ط3 .
32- في ظلال القرآن ، سيد قطب ، دار الشروق ، ط7 .
33- المرقاة شرح المشكاة ، القاري ، المكتبة التجارية ، تحقيق العطار .
34- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، الهيثمي ، دار الكتاب العربي .
35- دليل القاري إلى مواضع الحديث في صحيح البخاري ، العثيمان ، مؤسسة الرسالة