اعلن نظام العقيد معمر القذافي وقف العمليات العسكرية ضد الثوار عقب قرار مجلس الامن بفرض حظر الطيران ، غير انه هدد بـ"تخريب المتوسط" اذا تعرض لهجوم ، فيما انفجرت بنغازي فرحا حيث اوقف القرار هجوما كاسحا اعدت له مرتزقة القذافي ، في حين لا تزال مدن غربية تحت وطأة القصف والقتل.
واعتبر الثوار ان قرار وقف اطلاق النار من قبل القذافي ما هو الا "خدعة".
وفي الوقت الذي بدأ فيه الائتلاف الدولي يتشكل ضد ليبيا ، اعلنت فرنسا ان الهجوم قد يكون خلال ساعات ، غير ان الامين العام للجامعة العربية حذر الغرب بان القرار الدولي ليس اذنا للغزو ، مطالبا جميع الاطراف بعدم التمادي.
واعلن وزير الخارجية الليبي موسى كوسا الجمعة ان ليبيا قررت "الوقف الفوري لاطلاق النار ولجميع الاعمال العسكرية" ، مؤكدا ان بلاده "ملتزمة بقبول قرار مجلس الامن الدولي". واكد التزام بلاده بما "تضمنه القرار 1973 بشأن حماية المدنيين ووحدة التراب الليبي". واضاف ان "الدولة تشجع فتح قنوات الحوار مع جميع الاطراف بخطوات جادة في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي". غير ان كوسا اعرب عن استغراب بلاده "القرار باستخدام القوة العسكرية" معتبرا انه "خروج خارق على ميثاق الامم المتحدة ومساس بالسيادة الوطنية".
وكان مجلس الأمن قد وافق الخميس على فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا والتفويض بتنفيذ عمل عسكري لتنفيذ الحظر ولكنه استبعد نشر قوات برية. كما اتخذ المجلس خطوة غير معتادة بالسماح ليس فقط للمنظمات ولكن للدول المنفردة كذلك باستخدام "كافة السبل الضرورية" لإنهاء قمع القذافي للمتظاهرين المدنيين. لكنه يؤكد انه لا يجيز احتلال اي جزء من ليبيا. كما يفرض القرار منطقة حظر جوي لا يستثنى منها سوى الطلعات الانسانية حصرا.
واعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية فرنسوا باروان امس ان الضربات الجوية ضد نظام القذافي ستبدأ "في غضون ساعات" وان القوات الفرنسية "ستشارك" فيها. واكد المتحدث ان هذا التدخل العسكري "ليس احتلالا لارض ليبية" بل "جهاز ذو طبيعة عسكرية من اجل حماية الشعب الليبي والسماح له بالوصول الى نهاية مطالبته بالحرية وبالتالي سقوط نظام القذافي". في الوقت نفسه رجحت صحيفة "لو فيجارو"؟القريبة من الحكومة أن تستخدم فرنسا في هذه المهمة طائرات عسكرية فرنسية من جزيرة كورسيكا في البحر المتوسط. وعقد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي امس اجتماعا مع رئيس حكومته فرانسوا فيون ووزيرالدفاع جيرار لونغيع ورئيس اركان القوات المسلحة الاميرال ادوار غيو.
وفي لندن ، قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان من المنتظر أن يصوت البرلمان الاثنين على التدخل في ليبيا لكن هذا لن يمنع بريطانيا من الانضمام الى اي عمل عسكري قبل ذلك الحين.
بدورها ، قالت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) انها جاهزة لتنفيذ أوامر بشأن ليبيا ولكنها أضافت أنها لن تناقش أي عمليات محتملة ويعمل الغربيون على تشكيل ائتلاف بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ، وابلغت دول اخرى من الحلف الاطلسي بصفة فردية عزمها على الانضمام الى الائتلاف وبينها كندا والنروج والدنمارك وبلجيكا واسبانيا وايطاليا من خلال طائرات نقل ومقاتلات قاذفات من طراز اف - 16 او اف - 18 وسفن كاسحة للالغام سواء للمشاركة في الغارات او لدعم عملية انسانية.
من جهتها ، جددت تركيا معارضتها لاي عملية عسكرية ضد ليبيا ، كما استبعدت روسيا المشاركة اضافة الى المانيا والسويد.
وكان الامين العام لحلف شمال الاطلسي صرح لاحقا ان الحلف بصدد انجاز خطط كي يتمكن من اتخاذ "تحرك مناسب" بشأن ليبيا. وقال دبلوماسيون ان اجتماعا لسفراء الحلف في بروكسل لم يتوصل الى قرار بشأن مشاركته في عمليات عسكرية ضد قوات القذافي . و يجب أن توافق دول الحلف الـ 28 على أي عملية.
وفي مطلق الاحوال ، فان الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تملك معا ما يكفي من طائرات الرادار من نوع اواكس 34( طائرة وسبع واربع طائرات على التوالي) لتنفيذ العملية بدون حاجة الى الطائرات ال17 التي يملكها الحلف والمتمركزة في المانيا.
عربيا ، قال عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية ان قرار مجلس الامن يهدف الى حماية المدنيين ولا يؤيد اي غزو وطلب من كل الاطراف "عدم التمادي". واعلن هشام يوسف مدير مكتب الامين العام للجامعة العربية ان قمة بين الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي والجامعة العربية بشان ليبيا ستعقد اليوم في باريس بحضورالامين العام للامم المتحدة بان كي مون.
من جانبها ، بدأت سلطات الطيران المدني المصرية في تنفيذ قرار مجلس الأمن حيث تم وقف كل رحلات الطيران وغلق الممرات الجوية العابرة لاجواء ليبيا. واكدت قطر انها ستشارك في العملية العسكرية المرتقبة في ليبيا.فيما اعلنت تونسانها لن تشارك في اي تدخل عسكري دولي في جارتها .
وتوعد القذافي بان "يحول الى جحيم" حياة الذين يمكن ان يهاجموا ليبيا. وقال في مقابلة مع التلفزيون البرتغالي اجريت معه قبل تبني قرار مجلس الامن الدولي "ما هذه العنصرية ما هذه الكراهية ما هذا الجنون؟". واضاف "اذا العالم اصبح مجنونا فنحن سنصبح مجانين سنرد عليهم سنحول حياتهم الى جحيم حتى لا ينعموا بالسلام". وتابع قائلا ان هذه ليست حربا بين دولتين لكي يلعب مجلس الامن دورا ، مضيفا انه بموجب ميثاق الامم المتحدة لا يحق لمجلس الامن التدخل في الشؤون الداخلية لاي دولة. وحذر ايضا اوروبا من التدخل قائلا انه سيترتب على ذلك عواقب وخيمة على اوروبا ومنطقة البحر المتوسط. واوضح "سيخرب البحر المتوسط". وقبل تصويت مجلس الامن ، قال ناطق باسم وزارة الدفاع الليبية "ان اي عمل عسكري خارجي ضد ليبيا سيعرض جميع الملاحة الجوية والبحرية في البحر المتوسط للخطر وستصبح كل السابلة ، المدنية والعسكرية ، اهدافا للهجوم المضاد الليبي".واضاف الناطق الذي نقلت تصريحه وكالة الانباء الرسمية (اوج) "ان حوض البحر المتوسط سيصبح في خطر شديد ليس على المدى القصير ولكن ايضا على المدى البعيد".
بدوره ، اكد سيف الاسلام القذافي ان ليبيا "ليست خائفة" من القرار الدولي. وقال متحدثا لشبكة "ايه بي سي" الاميركية من طرابلس "نحن في بلدنا ومع شعبنا ولسنا خائفين". وتابع "لن نخاف ، ولن تساعدوا الشعب ان قصفتم ليبيا لقتل ليبيين. سوف تدمرون بلادنا. ولا احد مسرور بذلك".
ووصف سيف الاسلام قرار الامم المتحدة بانه "جائر" ، نافيا قتل مدنيين عند استعادت مدنا سيطر عليها الثوار.
وعقب تصريحات سيف الاسلام ، قالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان "الوضع يتطور بسرعة. لن نتاثر بالكلام. يتعين ان نرى افعالا على الارض". واضافت ان واشنطن ستواصل العمل مع شركائها "لاقناع القذافي بمغادرة السلطة ودعم الطموحات الشرعية لليبيين".
وفي وقت سابق ، توعد القذافي الثوار في بنغازي قائلا إن قواته المسلحة لن تظهر أي رحمة بالمقاتلين الذين يقاومونها. وقال في خطاب إذاعي وجهه لسكان بنغازي إن الجنود سيفتشون كل بيت في المدينة وان المدنيين العزل لن يكون لديهم سبب للخوف. وأضاف قائلا "جهزوا أنفسكم من الليلة .. لا رحمة ولا شفقة معهم" ، معلنا أن قواته ستنهي ما أسماه "المهزلة" في بنغازي خلال ساعات ، وقال إن "المهزلة ستنتهي ، هذه آخر ساعاتها .. حسم الأمر ، نحن قادمون" ، كما وعد بالعفو عمن يلقون السلاح ويستسلمون من سكان المدينة .
غير انه واثر صدور القرار الدولي نقلت شبكة "سي ان ان" الاخبارية عن سيف الاسلام نجل معمر القذافي ان النظام غير تكتيكه "لاسباب انسانية" ولم يعد ينوي شن هجوم شامل على بنغازي. وقال مراسل "سي ان ان" في طرابلس نيك روبرتسون "لقد تلقيت اتصالا من سيف الاسلام ... قال لي انهم في طور تغيير التكتيك بشأن بنغازي ، وان الجيش لن يدخل الى المدينة. سيتمركز حولها". لم يسجل اي تطور ميداني يشير الى بدء هجوم قوات القذافي على المدينة. واعلنت وكالة الانباء الليبية ان الجيش سيوقف عملياته العسكرية منتصف هذه الليلة لاعطاء الفرصة للثوار لالقاء السلاح والاستفادة من العفو العام.
وعلى وقع ابواق السيارات وازيز الرصاص ودوي الرشاشات المضادة للطيران راح رجال يتبادلون العناق وآخرون يبكون فرحا وهم يرقصون رافعين علما ليبيا في وسط بنغازي الذي تدفق اليه الاف الثوار قال احدهم "بفضل الامم المتحدة انتهى القذافي".وفي ساحة المجلس الوطني مقابل البحر ، تعانق المتظاهرون وحولهم شبان يرقصون ويرددون هتافات معادية للقذافي. ورفع العلم الفرنسي قرب العلم الليبي. وفي الساعة الثانية فجرا ، لم يكن سكان بنغازي راغبين في النوم وقرروا مواصلة احتفالاتهم التي تشبه تلك التي تجري بعد مباريات كأس العالم. وفي سماء "عاصمة" الثورة اطلقت العاب نارية. ووقف رجل مسن وهو يرفع اشارة النصر بينما هتف شبان "واحد اثنان ثلاثة يحيا ساركوزي".
لكن الصورة في غرب البلاد كانت مختلفة ، فقد سقط 25 قتيلا بينهم عدة فتيات صغيرات خلال القصف العنيف الذي قامت به قوات القذافي لمدينة مصراتة . قال طبيب وأحد السكان ان الدبابات الحكومية مازالت تقصف المدينة على الرغم مما ذكرته المعارضة المسلحة في وقت سابق أنها صدت الهجوم.وقال الطبيب باستخدام هاتف يعمل على القمر الصناعي "قوات القذافي تقصف المدينة بقذائف المدفعية والدبابات. لدينا الان 25 قتيلا بالمستشفى بينهم عدة فتيات صغيرات".
وبدأ الهجوم بعد ساعات من قرار مجلس الامن .
وعلى صلة ، وقعت معارك امس في نالوت وزنتان (غرب ليبيا) .وافاد احد سكان زنتان ان قوات القذافي هاجمت المدينة الخميس وان "مواجهات عنيفة وقعت مع الثوار. واستمرت المعارك حتى صباح الجمعة".واضاف "لقد سقط ضحايا من الجانبين" ، دون ان يتمكن من تحديد عددهم.
وتابع ان "القذافي يحاول ارسال شبان غير متمرسين لا يعرفون هذه المنطقة الجبلية. لقد تعرضت قواته لخسائر جسيمة".. وفي نالوت ، شن الثوار الخميس هجوما على موقع لقوات النظام على مشارف المدينة و"استولوا على اسلحتهم وذخائرهم. والهدوء يسود حاليا في المدينة" ، حسبما افاد احد الثوار. واضاف "اسرنا العديد من العسكريين الموالين للقذافي".